المواضيع الأخيرة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 9 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 9 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 89 بتاريخ الثلاثاء 11 أغسطس 2015, 12:23
الفتوى رقم: ١٣٨٦ في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ المُعتبَرِ لأنواعِ البُقولِ والثِّمار العلامة فركوس حفظه الله
منتديات بسكرة السلفية :: المنابر :: عالم الجزائر محمد بن علي فركوس حفظه الله :: فتاوى العلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
صفحة 1 من اصل 1
الفتوى رقم: ١٣٨٦ في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ المُعتبَرِ لأنواعِ البُقولِ والثِّمار العلامة فركوس حفظه الله
الفتوى رقم: ١٣٨٦
الصنف: فتاوى المعاملات الماليَّة ـ البيوع
في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ المُعتبَرِ لأنواعِ البُقولِ والثِّمار
السؤال:
جاء في حديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»(١)، فما هو بُدُوُّ الصَّلاحِ المُعتبَرُ، وما الحكمةُ مِنَ النَّهيِ عنه؟ وهل جميعُ الثِّمارِ مُشترِكةٌ في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فقَدْ ثبتَتْ أحاديثُ مُتنوِّعةٌ في النَّهي عن بيعِ الثِّمارِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها، منها:
ـ حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما: «أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ»(٢).
ـ حديثُ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ» فَقِيلَ: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»، ولفظُ مسلمٍ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُشْقِحَ»، قَالَ [أي: سَليمُ بنُ حيَّانَ]: قُلْتُ لِسَعِيدٍ [أي: ابنِ مِيناءَ]: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»(٣).
ـ حديثُ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»(٤).
ـ حديثُ أنسٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ»، قِيلَ: «وما (يَزْهُو)؟» قال: «يَحمارُّ أو يصفارُّ»، وعند مسلمٍ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ»، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: «مَا زَهْوُهَا؟» قَالَ: «تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَكَ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ؟»(٥).
ـ وفي حديثٍ آخَرَ لأنسٍ رضي الله عنه: «نَهَى عَنْ بَيْعِ العِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ»(٦)، وغيرها مِنَ الأحاديثِ الَّتي اتَّفقَ العُلماءُ على العملِ بها؛ قال ابنُ المُنذِر ـ رحمه الله ـ: «أَجمعَ أهلُ العلمِ على القولِ بهذا الحديثِ»(٧).
هذا، وقد قال ابنُ عمر رضي الله عنهما: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوِ النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»، فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: «مَا صَلَاحُهُ؟» قَالَ: «تَذْهَبُ عَاهَتُهُ»(٨)، أي: الآفةُ الَّتي تُصيبُ الأشجارَ والنَّخيلَ والحبوبَ الزِّراعيَّةَ فتُتلِفُها لضَعفِها؛ فكانت حكمةُ النَّهيِ عن بيعِ الثَّمر قبل بُدُوِّ صلاحِه، وبيعِ الزَّرعِ قبل اشتدادِ حَبِّه هي كونَها مُعرَّضةً ـ في تلك الفترة ـ للعاهاتِ والآفاتِ المُفضِيةِ إلى الفسادِ والتَّلفِ؛ لذلك كان الحديثُ يحثُّ المسلمَ أَنْ يحفظَ أموالَه، وأَنْ لا يُخاطِرَ بها فيُعرِّضَها للفسادِ والضَّياعِ؛ كما أنَّ النَّهيَ في الحديثِ يقطعُ النِّزاعَ والخصومةَ المُؤدِّيةَ إلى العداوةِ والبغضاءِ، وهو الأمرُ الَّذي بيَّنه ـ كما تقدَّم ـ أَنَسٌ رضي الله عنه: فعنه أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم «نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ»، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: «مَا زَهْوُهَا؟» قَالَ: «تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ؟»، وفي روايةٍ: «بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟»(٩).
هذا، والبُقولُ والزُّروعُ والثِّمارُ ـ مِنْ حيثُ بُدُوُّ صلاحِها وصِفَتُه ـ على ثلاثةِ أنواعٍ:
النَّوعُ الأوَّلُ: ما يكون صلاحُه بأَنْ يتغيَّرَ باللَّونِ، فبُدُوُّ صلاحِه بالاصفرارِ والاحمرارِ، أو تغيُّرِه مِنْ لونٍ إلى آخَرَ يُعرَف به(١٠) صلاحُه أو نُضجُه: كالتَّمر والبرتقالِ والطَّماطمِ والأُتْرُجِّ وغيرِها ممَّا يعرفُه النَّاسُ، ولا سيَّما أهلُ الاختصاصِ منهم، لحديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ» فَقِيلَ: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ [أي: سعيدُ بنُ مِيناءَ]: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»، ولتفسيرِ أنسٍ رضي الله عنه للزَّهوِ بالاصفرار والاحمرار(١١).
النَّوعُ الثَّاني: ما يكون صلاحُه بأَنْ يتغيَّر طَعمُه وإِنْ لم يتغيَّر لونُه، مثل: العِنَبِ الأبيضِ (أي: الأخضر) والتُّفَّاح، فيُعرَف بُدُوُّ صلاحِه بتغيُّرِ طَعمِه مِنْ مُرٍّ إلى حُلوٍ.
النَّوعُ الثَّالثُ: ما يكون صلاحُه بأَنْ يَصلُحَ للأكل ـ صغيرًا كان أو كبيرًا ـ مثل بعضِ الخُضَرواتِ كالجزرِ والخيارِ والقِثَّاء والدُّبَّاء، فبُدُوُّ صلاحِه بنُضجِه وصلاحِيَتِه للأكلِ، لقولِ سعيدِ بنِ مِيناءَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا».
ويَدخلُ في هذا المعنى مِنْ بُدُوِّ الصَّلاحِ: عمومُ الحبوبِ في سنابلِها، وهي ما يشتدُّ حَبُّه ويَبيَضُّ في الزَّرعِ، لأنَّه يكونُ ـ حينَئذٍ ـ طعامًا صالحًا للأكلِ والانتفاع به، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنه السَّابقِ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نَهَى عن «السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»(١٢).
فالحاصلُ: أنَّ الضَّابطَ لبُدُوِّ الصَّلاحِ يكمُنُ في إمكانِ أكلِها واستساغَتِه دون ضررٍ؛ وهو ما يُبيِّنُه تقيُّ الدِّينِ السُّبكيُّ ـ رحمه الله ـ بقولِه: «بُدُوُّ الصَّلاحِ يَرجعُ إلى تغيُّرِ صفةٍ في الثَّمَرَةِ، وذلك يَختلِفُ بِاختلافِ الأجناسِ، وهو ـ على اختلافِه ـ راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ مُشتَرَكٍ بينهما وهو طِيبُ الأكْلِ»(١٣).
هذا، ويجدرُ التَّنبِيهُ إلى: أنَّ تحريمَ بيعِ الثِّمارِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها ليسَ على عُمومِه، بلْ قد يُستثْنَى منهُ عِدَّةُ صُوَرٍ، يكونُ بيعُ الثِّمارِ فيها جائزًا ولو لمْ يَبْدُ صلاحُها، فمِنْ هذه الصُّوَرِ ما يأتي:
· الصُّورةُ الأولى: لا يُعلَمُ خلافٌ بين الفُقهاءِ في جوازِ بيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ أو بعدَه مع الشَّجرِ، لتبَعيَّة الثَّمرِ للشَّجرِ، جريًا على قاعدَةِ: «يُغتَفَرُ في التَّابعِ ما لا يُغتَفَرُ في المتبُوعِ».
· الصُّورةُ الثَّانيةُ: إذا باعَ الثَّمرةَ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها بشرطِ أَنْ يقطَعَها المشترِي في الحالِ ولا ينتظِرَ نُضْجَها، فهذا البيعُ صحيحٌ بالإجماعِ(١٤)، لتمامِ الصَّفقةِ وانتِفاءِ الغرَرِ، ذلك لأنَّ المنعَ مِنَ البيعِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ إنَّما كان بسببِ خشيَةِ حدوثِ عاهةٍ على الثِّمارِ أو تلَفِها قبل أخذِ المشتَرِي لها، ولا شكَّ أنَّ الأمنَ مِنْ تلفِ الثِّمارِ حاصلٌ فيما يُقطَعُ في الحالِ.
· الصُّورةُ الثَّالثَةُ: إذا بَدَا صلاحُ بعضِ الثِّمارِ ولم يكتمِل نُضجُ جميعِها، وشَرَطَ المُشترِي على البائعِ أَنْ يَستَبقِيَها على الشَّجرِ حتَّى يَنضَجَ مُعظَمُها؛ فهذا جائزٌ لِتَحقُّقِ شرطِ بُدُوِّ الصَّلاحِ مِنْ جهةٍ، لأنَّ صلاحَ بعضِها علامةٌ على أمن الآفة في الغالب، وقد جاء عن ابنِ عُمَرَ أنَّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في الثَّمر بطُلُوع الثُّرَيَّا(١٥)، ولأنَّ تَرْكَها على الشَّجرِ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ لِزمَنٍ وجيزٍ لا يتَضرَّرُ مِنه البائعُ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٩ شعبان ١٤٤٥ﻫ
الموافق لـ: ٢٩ فبرايـر ٢٠٢٤م
(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» (٢١٨٣) بابُ بيعِ المزابنة ـ وهي بيعُ الثَّمر بالتَّمر وبيعُ الزَّبيب بالكَرْم ـ وبيعِ العرايا، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحِها بغيرِ شرطِ القطع (١٥٣٤).
(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٤)، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهيِ عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحِها بغيرِ شرطِ القطع (١٥٣٤).
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٦)، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن المُحاقَلةِ والمُزابَنةِ وعن المُخابَرةِ وبيعِ الثَّمرةِ قبل بُدُوِّ صلاحِها، وعن بيع المعاومة وهو بيعُ السِّنِين (١٥٣٦).
قال النَّوويُّ في «شرح مسلم» (١٠/ ١٩٤ ـ ١٩٥): «قوله: (نهى وأَنْ يُشترَى النَّخلُ حتَّى يُشْقِهَ، والإشقاهُ أَنْ يَحمَرَّ أو يَصْفَرَّ) وفي روايةٍ: حتَّى تُشقِحَ بالحاء: هو بضمِّ التَّاء وإسكانِ الشِّين فيهما وتخفيفِ القاف، ومنهم مَنْ فتَحَ الشِّينَ في تُشَقِّهَ، وهما جائزان: تُشقِهَ وتُشقِحَ ومعناهما واحدٌ، ومنهم مَنْ أَنكرَ تُشقِهَ وقال: المعروفُ بالحاء؛ والصَّحيحُ جوازُهما؛ وقِيلَ: إنَّ الهاء بدلٌ مِنَ الحاء كما قالوا: مدَحَه ومَدَهَه؛ وقد فسَّر الرَّاوي الإشقاهَ والإشقاحَ بِالاحمرار والاصفرار؛ قال أهلُ اللُّغة: ولا يُشترَطُ في ذلك حقيقةُ الاصفرارِ والاحمرار، بل ينطلق عليه هذا الاسْمُ إذا تَغيَّر يسيرًا إلى الحُمرة أو الصُّفرة؛ قال الخطَّابيُّ: الشُّقحةُ: لونٌ غيرُ خالصِ الحُمرة أو الصُّفرة، بل هو تغيُّرٌ إليهما في كُمُودةٍ»؛ [وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٣٩٦ ـ ٣٩٧)].
(٤) أخرجه مسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحها بغير شرط القطع (١٥٣٥).
(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ النَّخل قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٧)، وباب: إذا باع الثِّمارَ قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها ثمَّ أصابَتْه عاهةٌ فهو مِنَ البائع (٢١٩٨)، وبابُ بيعِ المُخاضَرة (٢٢٠٨)، ومسلمٌ في «البيوع» بابُ وضعِ الجوائح (١٥٥٥).
(٦) أخرجه أبو داود في «البيوع» بابٌ في بيع الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٣٣٧١)، والتِّرمذيُّ في «البيوع» بابُ ما جاء في كراهِيَةِ بيعِ الثَّمرة حتَّى يَبدُوَ صلاحُها (١٢٢٨). وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢١١) رقم: (١٣٦٦).
(٧) «الإقناع» لابن المنذر (١/ ٢٥٧).
(٨) أخرجه أحمد في «مُسنَدِه» (٥٤٩٩)؛ قال مُحقِّقو طبعةِ الرِّسالة (٩/ ٣٥٨): «إسنادُه صحيحٌ على شرط الشَّيخين».
(٩) تقدَّم تخريجه، انظر: (الهامش ٥)، انظر البخاريَّ (٢١٩٨، ٢٢٠٨)، ومسلمًا (١٥٥٥).
(١٠) فيه مِنَ الثِّمار ما يتغيَّر لونُه أكثرَ مِنْ مرَّةٍ قبل أَنْ يصير إلى لونٍ يُعرَفُ به صلاحُه، فتحتاج درجاتُ اللَّونِ إلى تقييده بعلامةٍ أخرى حتَّى يُعرَف به صلاحُه، كالتِّين يبقى لونُه أخضرَ ـ غالبًا ـ ويكون صلاحُه بتغيُّرِ درجة خُضْرَتِه وبطَرَاوَتِه وبطَعمِه، وقد يتغيَّر لونُه إلى غيرِ الأخضر كالميل إلى الصُّفرة أو الحُمرة.
(١١) تقدَّم تخريجهما، انظر: (الهامش ٣)، و(الهامش ٥).
(١٢) انظر: (الهامش ٤).
(١٣) «تكملة تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ للمجموع» شرح «المهذَّب» للشِّيرازي (١١/ ٤٤٠).
(١٤) انظر الإجماعَ في: «مجموع الفتاوى» لابن تيميَّة (٢٩/ ٤٧٧)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (١٠/ ١٨١).
(١٥) أخرجه الشَّافعيُّ في «مُسنَده» (١٤٣)، وابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (٢١٨١٩)، وأحمد في «مُسنَده» (٥٠١٢)؛ قال مُحقِّقُو طبعة الرِّسالة (٩/ ٥٥): «إسنادُه صحيحٌ على شرط البخاريِّ، رجالُه ثقاتٌ رجالُ الشَّيخين غيرَ عثمانَ بنِ عبد الله بنِ سُراقة، فمِنْ رجال البخاريِّ»، وانظر: «تكملة تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ للمجموع» شرح «المهذَّب» للشِّيرازي (١١/ ٤٤٠).
الصنف: فتاوى المعاملات الماليَّة ـ البيوع
في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ المُعتبَرِ لأنواعِ البُقولِ والثِّمار
السؤال:
جاء في حديثِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»(١)، فما هو بُدُوُّ الصَّلاحِ المُعتبَرُ، وما الحكمةُ مِنَ النَّهيِ عنه؟ وهل جميعُ الثِّمارِ مُشترِكةٌ في علامةِ بُدُوِّ الصَّلاحِ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فقَدْ ثبتَتْ أحاديثُ مُتنوِّعةٌ في النَّهي عن بيعِ الثِّمارِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها، منها:
ـ حديثُ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما: «أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ»(٢).
ـ حديثُ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ» فَقِيلَ: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»، ولفظُ مسلمٍ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُشْقِحَ»، قَالَ [أي: سَليمُ بنُ حيَّانَ]: قُلْتُ لِسَعِيدٍ [أي: ابنِ مِيناءَ]: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»(٣).
ـ حديثُ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»(٤).
ـ حديثُ أنسٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَعَنِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ»، قِيلَ: «وما (يَزْهُو)؟» قال: «يَحمارُّ أو يصفارُّ»، وعند مسلمٍ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ»، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: «مَا زَهْوُهَا؟» قَالَ: «تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَكَ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ؟»(٥).
ـ وفي حديثٍ آخَرَ لأنسٍ رضي الله عنه: «نَهَى عَنْ بَيْعِ العِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ»(٦)، وغيرها مِنَ الأحاديثِ الَّتي اتَّفقَ العُلماءُ على العملِ بها؛ قال ابنُ المُنذِر ـ رحمه الله ـ: «أَجمعَ أهلُ العلمِ على القولِ بهذا الحديثِ»(٧).
هذا، وقد قال ابنُ عمر رضي الله عنهما: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوِ النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ»، فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: «مَا صَلَاحُهُ؟» قَالَ: «تَذْهَبُ عَاهَتُهُ»(٨)، أي: الآفةُ الَّتي تُصيبُ الأشجارَ والنَّخيلَ والحبوبَ الزِّراعيَّةَ فتُتلِفُها لضَعفِها؛ فكانت حكمةُ النَّهيِ عن بيعِ الثَّمر قبل بُدُوِّ صلاحِه، وبيعِ الزَّرعِ قبل اشتدادِ حَبِّه هي كونَها مُعرَّضةً ـ في تلك الفترة ـ للعاهاتِ والآفاتِ المُفضِيةِ إلى الفسادِ والتَّلفِ؛ لذلك كان الحديثُ يحثُّ المسلمَ أَنْ يحفظَ أموالَه، وأَنْ لا يُخاطِرَ بها فيُعرِّضَها للفسادِ والضَّياعِ؛ كما أنَّ النَّهيَ في الحديثِ يقطعُ النِّزاعَ والخصومةَ المُؤدِّيةَ إلى العداوةِ والبغضاءِ، وهو الأمرُ الَّذي بيَّنه ـ كما تقدَّم ـ أَنَسٌ رضي الله عنه: فعنه أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم «نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى يَزْهُوَ»، فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: «مَا زَهْوُهَا؟» قَالَ: «تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ؟»، وفي روايةٍ: «بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟»(٩).
هذا، والبُقولُ والزُّروعُ والثِّمارُ ـ مِنْ حيثُ بُدُوُّ صلاحِها وصِفَتُه ـ على ثلاثةِ أنواعٍ:
النَّوعُ الأوَّلُ: ما يكون صلاحُه بأَنْ يتغيَّرَ باللَّونِ، فبُدُوُّ صلاحِه بالاصفرارِ والاحمرارِ، أو تغيُّرِه مِنْ لونٍ إلى آخَرَ يُعرَف به(١٠) صلاحُه أو نُضجُه: كالتَّمر والبرتقالِ والطَّماطمِ والأُتْرُجِّ وغيرِها ممَّا يعرفُه النَّاسُ، ولا سيَّما أهلُ الاختصاصِ منهم، لحديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ» فَقِيلَ: «مَا تُشْقِحُ؟» قَالَ [أي: سعيدُ بنُ مِيناءَ]: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا»، ولتفسيرِ أنسٍ رضي الله عنه للزَّهوِ بالاصفرار والاحمرار(١١).
النَّوعُ الثَّاني: ما يكون صلاحُه بأَنْ يتغيَّر طَعمُه وإِنْ لم يتغيَّر لونُه، مثل: العِنَبِ الأبيضِ (أي: الأخضر) والتُّفَّاح، فيُعرَف بُدُوُّ صلاحِه بتغيُّرِ طَعمِه مِنْ مُرٍّ إلى حُلوٍ.
النَّوعُ الثَّالثُ: ما يكون صلاحُه بأَنْ يَصلُحَ للأكل ـ صغيرًا كان أو كبيرًا ـ مثل بعضِ الخُضَرواتِ كالجزرِ والخيارِ والقِثَّاء والدُّبَّاء، فبُدُوُّ صلاحِه بنُضجِه وصلاحِيَتِه للأكلِ، لقولِ سعيدِ بنِ مِيناءَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا».
ويَدخلُ في هذا المعنى مِنْ بُدُوِّ الصَّلاحِ: عمومُ الحبوبِ في سنابلِها، وهي ما يشتدُّ حَبُّه ويَبيَضُّ في الزَّرعِ، لأنَّه يكونُ ـ حينَئذٍ ـ طعامًا صالحًا للأكلِ والانتفاع به، لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنه السَّابقِ أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نَهَى عن «السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ العَاهَةَ، نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»(١٢).
فالحاصلُ: أنَّ الضَّابطَ لبُدُوِّ الصَّلاحِ يكمُنُ في إمكانِ أكلِها واستساغَتِه دون ضررٍ؛ وهو ما يُبيِّنُه تقيُّ الدِّينِ السُّبكيُّ ـ رحمه الله ـ بقولِه: «بُدُوُّ الصَّلاحِ يَرجعُ إلى تغيُّرِ صفةٍ في الثَّمَرَةِ، وذلك يَختلِفُ بِاختلافِ الأجناسِ، وهو ـ على اختلافِه ـ راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ مُشتَرَكٍ بينهما وهو طِيبُ الأكْلِ»(١٣).
هذا، ويجدرُ التَّنبِيهُ إلى: أنَّ تحريمَ بيعِ الثِّمارِ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها ليسَ على عُمومِه، بلْ قد يُستثْنَى منهُ عِدَّةُ صُوَرٍ، يكونُ بيعُ الثِّمارِ فيها جائزًا ولو لمْ يَبْدُ صلاحُها، فمِنْ هذه الصُّوَرِ ما يأتي:
· الصُّورةُ الأولى: لا يُعلَمُ خلافٌ بين الفُقهاءِ في جوازِ بيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ أو بعدَه مع الشَّجرِ، لتبَعيَّة الثَّمرِ للشَّجرِ، جريًا على قاعدَةِ: «يُغتَفَرُ في التَّابعِ ما لا يُغتَفَرُ في المتبُوعِ».
· الصُّورةُ الثَّانيةُ: إذا باعَ الثَّمرةَ قبلَ بُدُوِّ صلاحِها بشرطِ أَنْ يقطَعَها المشترِي في الحالِ ولا ينتظِرَ نُضْجَها، فهذا البيعُ صحيحٌ بالإجماعِ(١٤)، لتمامِ الصَّفقةِ وانتِفاءِ الغرَرِ، ذلك لأنَّ المنعَ مِنَ البيعِ قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ إنَّما كان بسببِ خشيَةِ حدوثِ عاهةٍ على الثِّمارِ أو تلَفِها قبل أخذِ المشتَرِي لها، ولا شكَّ أنَّ الأمنَ مِنْ تلفِ الثِّمارِ حاصلٌ فيما يُقطَعُ في الحالِ.
· الصُّورةُ الثَّالثَةُ: إذا بَدَا صلاحُ بعضِ الثِّمارِ ولم يكتمِل نُضجُ جميعِها، وشَرَطَ المُشترِي على البائعِ أَنْ يَستَبقِيَها على الشَّجرِ حتَّى يَنضَجَ مُعظَمُها؛ فهذا جائزٌ لِتَحقُّقِ شرطِ بُدُوِّ الصَّلاحِ مِنْ جهةٍ، لأنَّ صلاحَ بعضِها علامةٌ على أمن الآفة في الغالب، وقد جاء عن ابنِ عُمَرَ أنَّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في الثَّمر بطُلُوع الثُّرَيَّا(١٥)، ولأنَّ تَرْكَها على الشَّجرِ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ لِزمَنٍ وجيزٍ لا يتَضرَّرُ مِنه البائعُ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٩ شعبان ١٤٤٥ﻫ
الموافق لـ: ٢٩ فبرايـر ٢٠٢٤م
(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» (٢١٨٣) بابُ بيعِ المزابنة ـ وهي بيعُ الثَّمر بالتَّمر وبيعُ الزَّبيب بالكَرْم ـ وبيعِ العرايا، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحِها بغيرِ شرطِ القطع (١٥٣٤).
(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٤)، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهيِ عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحِها بغيرِ شرطِ القطع (١٥٣٤).
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٦)، ومسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن المُحاقَلةِ والمُزابَنةِ وعن المُخابَرةِ وبيعِ الثَّمرةِ قبل بُدُوِّ صلاحِها، وعن بيع المعاومة وهو بيعُ السِّنِين (١٥٣٦).
قال النَّوويُّ في «شرح مسلم» (١٠/ ١٩٤ ـ ١٩٥): «قوله: (نهى وأَنْ يُشترَى النَّخلُ حتَّى يُشْقِهَ، والإشقاهُ أَنْ يَحمَرَّ أو يَصْفَرَّ) وفي روايةٍ: حتَّى تُشقِحَ بالحاء: هو بضمِّ التَّاء وإسكانِ الشِّين فيهما وتخفيفِ القاف، ومنهم مَنْ فتَحَ الشِّينَ في تُشَقِّهَ، وهما جائزان: تُشقِهَ وتُشقِحَ ومعناهما واحدٌ، ومنهم مَنْ أَنكرَ تُشقِهَ وقال: المعروفُ بالحاء؛ والصَّحيحُ جوازُهما؛ وقِيلَ: إنَّ الهاء بدلٌ مِنَ الحاء كما قالوا: مدَحَه ومَدَهَه؛ وقد فسَّر الرَّاوي الإشقاهَ والإشقاحَ بِالاحمرار والاصفرار؛ قال أهلُ اللُّغة: ولا يُشترَطُ في ذلك حقيقةُ الاصفرارِ والاحمرار، بل ينطلق عليه هذا الاسْمُ إذا تَغيَّر يسيرًا إلى الحُمرة أو الصُّفرة؛ قال الخطَّابيُّ: الشُّقحةُ: لونٌ غيرُ خالصِ الحُمرة أو الصُّفرة، بل هو تغيُّرٌ إليهما في كُمُودةٍ»؛ [وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٣٩٦ ـ ٣٩٧)].
(٤) أخرجه مسلمٌ في «البيوع» باب النَّهي عن بيع الثِّمار قبل بُدُوِّ صلاحها بغير شرط القطع (١٥٣٥).
(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» بابُ بيعِ النَّخل قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٢١٩٧)، وباب: إذا باع الثِّمارَ قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها ثمَّ أصابَتْه عاهةٌ فهو مِنَ البائع (٢١٩٨)، وبابُ بيعِ المُخاضَرة (٢٢٠٨)، ومسلمٌ في «البيوع» بابُ وضعِ الجوائح (١٥٥٥).
(٦) أخرجه أبو داود في «البيوع» بابٌ في بيع الثِّمار قبل أَنْ يَبدُوَ صلاحُها (٣٣٧١)، والتِّرمذيُّ في «البيوع» بابُ ما جاء في كراهِيَةِ بيعِ الثَّمرة حتَّى يَبدُوَ صلاحُها (١٢٢٨). وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢١١) رقم: (١٣٦٦).
(٧) «الإقناع» لابن المنذر (١/ ٢٥٧).
(٨) أخرجه أحمد في «مُسنَدِه» (٥٤٩٩)؛ قال مُحقِّقو طبعةِ الرِّسالة (٩/ ٣٥٨): «إسنادُه صحيحٌ على شرط الشَّيخين».
(٩) تقدَّم تخريجه، انظر: (الهامش ٥)، انظر البخاريَّ (٢١٩٨، ٢٢٠٨)، ومسلمًا (١٥٥٥).
(١٠) فيه مِنَ الثِّمار ما يتغيَّر لونُه أكثرَ مِنْ مرَّةٍ قبل أَنْ يصير إلى لونٍ يُعرَفُ به صلاحُه، فتحتاج درجاتُ اللَّونِ إلى تقييده بعلامةٍ أخرى حتَّى يُعرَف به صلاحُه، كالتِّين يبقى لونُه أخضرَ ـ غالبًا ـ ويكون صلاحُه بتغيُّرِ درجة خُضْرَتِه وبطَرَاوَتِه وبطَعمِه، وقد يتغيَّر لونُه إلى غيرِ الأخضر كالميل إلى الصُّفرة أو الحُمرة.
(١١) تقدَّم تخريجهما، انظر: (الهامش ٣)، و(الهامش ٥).
(١٢) انظر: (الهامش ٤).
(١٣) «تكملة تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ للمجموع» شرح «المهذَّب» للشِّيرازي (١١/ ٤٤٠).
(١٤) انظر الإجماعَ في: «مجموع الفتاوى» لابن تيميَّة (٢٩/ ٤٧٧)، «شرح صحيح مسلم» للنَّووي (١٠/ ١٨١).
(١٥) أخرجه الشَّافعيُّ في «مُسنَده» (١٤٣)، وابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (٢١٨١٩)، وأحمد في «مُسنَده» (٥٠١٢)؛ قال مُحقِّقُو طبعة الرِّسالة (٩/ ٥٥): «إسنادُه صحيحٌ على شرط البخاريِّ، رجالُه ثقاتٌ رجالُ الشَّيخين غيرَ عثمانَ بنِ عبد الله بنِ سُراقة، فمِنْ رجال البخاريِّ»، وانظر: «تكملة تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ للمجموع» شرح «المهذَّب» للشِّيرازي (١١/ ٤٤٠).
مواضيع مماثلة
» الفتوى رقم: ١٣٨٣ في حكمِ تركِ حَلقِ الشَّعر أو تقصيرِه في حجٍّ أو عُمرةٍ الشيخ العلامة الإمام محمد علي فركوس -حفظه اللّه-
» الفتوى رقم: ١٣٨٥ في حكم النَّظر إلى سائلةٍ صمَّاءَ تخاطب بِلُغة الإشارة للحاجة العلامة فركوس حفظه الله
» الفتوى رقم: ١٣٨٧في حُكمِ تلقِّي السِّلَعِ و بدايتِه وما يَدخلُ فيه مِنْ صُوَرِ التَّلقِّي العلامة فركوس حفظه الله
» فضيلة الشيخ سليمان بن عبد الله أبا الخيل يحيل في الفتوى وغيرها إلى العلامة محمد بن علي فركوس حفظهما الله
» جواب العلامة محمد فركوس - حفظه الله- عن استدلال الشيخ وصي الله عباس -حفظه الله- بأثر أنس - رضي الله عنه - على صحة الصلاة بالتباعد
» الفتوى رقم: ١٣٨٥ في حكم النَّظر إلى سائلةٍ صمَّاءَ تخاطب بِلُغة الإشارة للحاجة العلامة فركوس حفظه الله
» الفتوى رقم: ١٣٨٧في حُكمِ تلقِّي السِّلَعِ و بدايتِه وما يَدخلُ فيه مِنْ صُوَرِ التَّلقِّي العلامة فركوس حفظه الله
» فضيلة الشيخ سليمان بن عبد الله أبا الخيل يحيل في الفتوى وغيرها إلى العلامة محمد بن علي فركوس حفظهما الله
» جواب العلامة محمد فركوس - حفظه الله- عن استدلال الشيخ وصي الله عباس -حفظه الله- بأثر أنس - رضي الله عنه - على صحة الصلاة بالتباعد
منتديات بسكرة السلفية :: المنابر :: عالم الجزائر محمد بن علي فركوس حفظه الله :: فتاوى العلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:34 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» النُّكَتُ الحِسَانُ مِنْ مَجَالِسِ مَدِينَةِ تُونَان
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:25 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» النُّكَتُ الحِسَانُ مِنْ مَجَالِسِ مَدِينَةِ تُونَان
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:15 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» سئل شيخنا العلامة فركوس حفظه الله عن رجلان إختلف في مسألة من مسائل البيوع
الجمعة 25 أكتوبر 2024, 18:16 من طرف بسكرة السلفية
» سئل فضيلة الشيخ فركوس عن بعض الأشخاص والتجار من خارج ولاية العاصمة، يشترون إقامة لترقيم سياراتهم بال 16 حتى لا يتم عرقلتهم في الحواجز الأمنية.
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 20:55 من طرف بسكرة السلفية
» في حكم إدخال الأولاد إلى روضة الأطفال _ فضيلة الشيخ محمد علي فركوس
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 20:31 من طرف بسكرة السلفية
» فتوى رقم: ١٣٨٨ في حكمِ تأخيرِ ردِّ المالِ الزَّائدِ إلى المُشتري العلامة محمد علي فركوس-حفظه الله
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 11:12 من طرف بسكرة السلفية
» سئل فضيلة الشيخ فركوس عن أحد عنده محل لبيع الأكل السّريع.. وقد حدث تسمّم لبعض من أكل عنده، هو يسأل عن تعويضهم.. وهل يعوض في الأيام التي يعملوا فيها بسبب مرضهم ؟!
الإثنين 21 أكتوبر 2024, 14:05 من طرف بسكرة السلفية
» في حكم جعلِ الصبيّ عقِبَ الإمام الشيخ فركوس حفظه اللّه
الأحد 20 أكتوبر 2024, 16:47 من طرف بسكرة السلفية