في حكم التجنُّس بجنسية الكفار للعلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
منتديات بسكرة السلفية :: المنابر :: الفتاوى :: فتاوى العقيدة
صفحة 1 من اصل 1
في حكم التجنُّس بجنسية الكفار للعلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
الشيخ العلامة فركوس حفظه الله
التبويب الفقهي للفتاوى: فتاوى العقيدة > الولاء والبراء
الفتوى رقم: ٢٩
الصنف: فتاوى العقيدة - الولاء والبراء
في حكم التجنُّس بجنسية الكُفَّار
السؤال:
هل يجوز التجنُّسُ بالجنسية الكندية اضطرارًا لغرضٍ مادِّيٍّ، علمًا أنَّ أَخْذَ الجواز الكنديِّ لا يُلْغي جنسيَّتي الجزائرية، كما أنه يُمْكِنني ـ مِن جهةٍ أخرى ـ التخلِّي عن هذا الجواز في أيِّ وقتٍ شئتُ؟ أفيدونا بارَكَ اللهُ فيكم.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنه لا يجوز التجنُّسُ بالجنسية الكُفرية ولو مع المُحافَظةِ على الجنسيةِ الأصلية؛ للآثار السَّلْبية التي تعود على دِينِ المسلمِ وعقيدتِه، ويكفي أَنْ يُعْلَمَ أنه يَترتَّبُ عليه الرِّضا الضِّمْنِيُّ بتطبيقِ الأعراف والقوانين الكفرية لذلك البلد على المتجنِّس، فضلًا عن التحاكمِ إليهم، والاعتزازِ بكونه مُواطِنًا كَنَدِيًّا، وما يُفْضي إليه مِن المودَّةِ والتشبُّه بأفعالهم وأقوالهم، وهو ما يُنافي الإيمانَ إمَّا في كمالِه أو في أصلِه بحَسَبِ الحال، قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡ..﴾ [المجادلة: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡ﴾ [المائدة: ٥١]، وقال تعالى: ﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗ﴾ [آل عمران: ٢٨]؛ ففي هذه الآياتِ السابقةِ تصريحٌ بالنهي عن اتِّخاذ الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين، وفيها تبرُّؤُ اللهِ مِن فاعِلِه، ولا شكَّ أنَّ المتجنِّسَ بجنسيةٍ كفريةٍ قد طَلَبَ وَلايةَ الكافرين واختارَ ـ عن طواعِيَةٍ ـ الانضمامَ إليهم؛ فهو معهم في الاجتماعِ والنصرة والمَنْزِل والمودَّة، ويَعُدُّه المشركون منهم؛ لذلك كان مشمولًا بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ»(١) ولو كان مدفوعًا إلى ذلك لأسبابٍ ماليةٍ أو لأغراضٍ تجاريةٍ أو غيرِها؛ لأنَّ فيه تقديمًا للدنيا على الدين، وقد ذمَّ الله تعالى ذلك بقوله: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل: ١٠٧]، وكذلك ولو كان مُحافِظًا على الجنسية الأصلية؛ لمُنافاةِ الجنسية الكفرية لمبدإ الولاء والبَراء، وهو أَوْثَقُ عُرَى الإسلام.
هذا، والمسلمُ مُطالَبٌ بإكمالِ دِينِه وزيادةِ إيمانِه بتحقيقِ العبودية لله تعالى وإظهارِ الإسلام؛ إذ مِن شروطِ إباحة السفر إلى بلاد الكفرِ: إظهارُ الدِّين والجهرُ بشعائره على سبيل الكمال بلا مُعارَضةٍ في شيءٍ منها، مع القدرة على إقامةِ مبدإِ الولاء والبَراء. ومَن لا يقدر على ذلك فالواجبُ عليه أَنْ يعودَ مِن حيث جاءَ ويجتهدَ في كَسْبِ رِزْقِه ويكتفِيَ بالقليل، ولْيَسْأَلِ اللهَ العونَ والتوفيقَ والسَّدادَ؛ فهو خيرُ مُعِينٍ وأَحْسَنُ كفيلٍ.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٤ مِن المحرَّم ١٤٢٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ مـارس ٢٠٠٣م
(١) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في الإقامة بأرض الشرك (٢٧٨٧) مِن حديث سَمُرَةَ بنِ جندبٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦١٨٦).
التبويب الفقهي للفتاوى: فتاوى العقيدة > الولاء والبراء
الفتوى رقم: ٢٩
الصنف: فتاوى العقيدة - الولاء والبراء
في حكم التجنُّس بجنسية الكُفَّار
السؤال:
هل يجوز التجنُّسُ بالجنسية الكندية اضطرارًا لغرضٍ مادِّيٍّ، علمًا أنَّ أَخْذَ الجواز الكنديِّ لا يُلْغي جنسيَّتي الجزائرية، كما أنه يُمْكِنني ـ مِن جهةٍ أخرى ـ التخلِّي عن هذا الجواز في أيِّ وقتٍ شئتُ؟ أفيدونا بارَكَ اللهُ فيكم.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنه لا يجوز التجنُّسُ بالجنسية الكُفرية ولو مع المُحافَظةِ على الجنسيةِ الأصلية؛ للآثار السَّلْبية التي تعود على دِينِ المسلمِ وعقيدتِه، ويكفي أَنْ يُعْلَمَ أنه يَترتَّبُ عليه الرِّضا الضِّمْنِيُّ بتطبيقِ الأعراف والقوانين الكفرية لذلك البلد على المتجنِّس، فضلًا عن التحاكمِ إليهم، والاعتزازِ بكونه مُواطِنًا كَنَدِيًّا، وما يُفْضي إليه مِن المودَّةِ والتشبُّه بأفعالهم وأقوالهم، وهو ما يُنافي الإيمانَ إمَّا في كمالِه أو في أصلِه بحَسَبِ الحال، قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡ..﴾ [المجادلة: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡ﴾ [المائدة: ٥١]، وقال تعالى: ﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗ﴾ [آل عمران: ٢٨]؛ ففي هذه الآياتِ السابقةِ تصريحٌ بالنهي عن اتِّخاذ الكافرين أولياءَ مِن دونِ المؤمنين، وفيها تبرُّؤُ اللهِ مِن فاعِلِه، ولا شكَّ أنَّ المتجنِّسَ بجنسيةٍ كفريةٍ قد طَلَبَ وَلايةَ الكافرين واختارَ ـ عن طواعِيَةٍ ـ الانضمامَ إليهم؛ فهو معهم في الاجتماعِ والنصرة والمَنْزِل والمودَّة، ويَعُدُّه المشركون منهم؛ لذلك كان مشمولًا بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ»(١) ولو كان مدفوعًا إلى ذلك لأسبابٍ ماليةٍ أو لأغراضٍ تجاريةٍ أو غيرِها؛ لأنَّ فيه تقديمًا للدنيا على الدين، وقد ذمَّ الله تعالى ذلك بقوله: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل: ١٠٧]، وكذلك ولو كان مُحافِظًا على الجنسية الأصلية؛ لمُنافاةِ الجنسية الكفرية لمبدإ الولاء والبَراء، وهو أَوْثَقُ عُرَى الإسلام.
هذا، والمسلمُ مُطالَبٌ بإكمالِ دِينِه وزيادةِ إيمانِه بتحقيقِ العبودية لله تعالى وإظهارِ الإسلام؛ إذ مِن شروطِ إباحة السفر إلى بلاد الكفرِ: إظهارُ الدِّين والجهرُ بشعائره على سبيل الكمال بلا مُعارَضةٍ في شيءٍ منها، مع القدرة على إقامةِ مبدإِ الولاء والبَراء. ومَن لا يقدر على ذلك فالواجبُ عليه أَنْ يعودَ مِن حيث جاءَ ويجتهدَ في كَسْبِ رِزْقِه ويكتفِيَ بالقليل، ولْيَسْأَلِ اللهَ العونَ والتوفيقَ والسَّدادَ؛ فهو خيرُ مُعِينٍ وأَحْسَنُ كفيلٍ.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٤ مِن المحرَّم ١٤٢٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٧ مـارس ٢٠٠٣م
(١) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في الإقامة بأرض الشرك (٢٧٨٧) مِن حديث سَمُرَةَ بنِ جندبٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦١٨٦).
مواضيع مماثلة
» السلفية باختصار للعلامة الاصولي محمد علي فركوس-حفظه الله-
» جواب العلامة محمد فركوس - حفظه الله- عن استدلال الشيخ وصي الله عباس -حفظه الله- بأثر أنس - رضي الله عنه - على صحة الصلاة بالتباعد
» السلفية باختصار قال الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله
» فتاوى (24) للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
» (صوتي) شروط ناقل الفتوى / العلامة محمد فركوس - حفظه الله -
» جواب العلامة محمد فركوس - حفظه الله- عن استدلال الشيخ وصي الله عباس -حفظه الله- بأثر أنس - رضي الله عنه - على صحة الصلاة بالتباعد
» السلفية باختصار قال الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله
» فتاوى (24) للشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
» (صوتي) شروط ناقل الفتوى / العلامة محمد فركوس - حفظه الله -
منتديات بسكرة السلفية :: المنابر :: الفتاوى :: فتاوى العقيدة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 15 ديسمبر 2023, 20:04 من طرف بسكرة السلفية
» تفصيل ماتع من الشيخ #فركوس في بيان مدى صحة قاعدة ( النهي في باب الآداب يفيد الكراهة )
السبت 26 أغسطس 2023, 19:12 من طرف لطفي براهمي
» شيخ الصعافقة الجدد عماد رفعت الذي يستغل فرصة شهرته الأخيرة على حساب طعوناته الفاجرة في عالم بلدنا الشيخ محمد بن علي فركوس- حفظه الله-، في تسويقه لكتبه!
الجمعة 25 أغسطس 2023, 22:57 من طرف بسكرة السلفية
» الدَّلِيلُ المُغْنِيُّ فِي جَوَازِ الإِنْكَارِ العَلَنِيِّ عَلَى وُلاَّةِ الأُمُورِ بِضَوَابِطِهِ، كما جاءَ في فتاوى فضِيلة الشَّيخ أبي عبد المُعزّ محمّد علي فركوس -حفظه الله تعالىٰ
الأحد 20 أغسطس 2023, 17:59 من طرف بسكرة السلفية
» حُقَّ للصعافقةِ أن يُؤلفَ لهم كتاب بعنوان " علو الهمة في الطعن في عالم الأمة"!
السبت 19 أغسطس 2023, 21:41 من طرف لطفي براهمي
» توضيح الشيخ لحسن منصوري وفقه الله لمسألة قضايا الأعيان فيما ورد عن الصحابة من الإنكار العلني
السبت 19 أغسطس 2023, 19:00 من طرف بسكرة السلفية
» في حكم التجنُّس بجنسية الكفار للعلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
السبت 19 أغسطس 2023, 18:25 من طرف بسكرة السلفية
» شهادة حق في شيخنا محمد علي فركوس على ما افُتري عليه أنّه انفرد مع الخارجي -بحق-علي بن حاج
الجمعة 18 أغسطس 2023, 17:53 من طرف بسكرة السلفية
» العلامة محمد علي فركوس-حفظه الله-: "غالب الذين تزعزعوا أو خذلوا الحقّ فعلوا ذلك من أجل مصالحهم
الخميس 17 أغسطس 2023, 23:57 من طرف بسكرة السلفية