منتديات بسكرة السلفية
الى الاعضاء الجدد والراغبين في التسجيل لسلام عليك نعلن لزوارنا الكرام والاعضاءالجددأن قانون التسجيل بالنسبة للأسم يكون بالغة العربية="" ويكون="" على النح التالي أذ كان من الجزائر مثال أبوعبدالله="" كمال="" البسكري="" وأن خارجأبوعبد="" الله="" اليمني ونحث الاعضاءأثراء المنتدى بالمواضيع المهمةالسلام>

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات بسكرة السلفية
الى الاعضاء الجدد والراغبين في التسجيل لسلام عليك نعلن لزوارنا الكرام والاعضاءالجددأن قانون التسجيل بالنسبة للأسم يكون بالغة العربية="" ويكون="" على النح التالي أذ كان من الجزائر مثال أبوعبدالله="" كمال="" البسكري="" وأن خارجأبوعبد="" الله="" اليمني ونحث الاعضاءأثراء المنتدى بالمواضيع المهمةالسلام>
منتديات بسكرة السلفية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» #جديد دفاع الشيخ فركوس. _ حفظه الله _ عن أبي سهل نور الدين يطو _ سلمه الله-
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالجمعة 15 ديسمبر 2023, 20:04 من طرف بسكرة السلفية

» تفصيل ماتع من الشيخ #فركوس في بيان مدى صحة قاعدة ( النهي في باب الآداب يفيد الكراهة )
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالسبت 26 أغسطس 2023, 19:12 من طرف لطفي براهمي

» شيخ الصعافقة الجدد عماد رفعت الذي يستغل فرصة شهرته الأخيرة على حساب طعوناته الفاجرة في عالم بلدنا الشيخ محمد بن علي فركوس- حفظه الله-، في تسويقه لكتبه!
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالجمعة 25 أغسطس 2023, 22:57 من طرف بسكرة السلفية

» الدَّلِيلُ المُغْنِيُّ فِي جَوَازِ الإِنْكَارِ العَلَنِيِّ عَلَى وُلاَّةِ الأُمُورِ بِضَوَابِطِهِ، كما جاءَ في فتاوى فضِيلة الشَّيخ أبي عبد المُعزّ محمّد علي فركوس -حفظه الله تعالىٰ
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالأحد 20 أغسطس 2023, 17:59 من طرف بسكرة السلفية

» حُقَّ للصعافقةِ أن يُؤلفَ لهم كتاب بعنوان " علو الهمة في الطعن في عالم الأمة"!
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالسبت 19 أغسطس 2023, 21:41 من طرف لطفي براهمي

» توضيح الشيخ لحسن منصوري وفقه الله لمسألة قضايا الأعيان فيما ورد عن الصحابة من الإنكار العلني
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالسبت 19 أغسطس 2023, 19:00 من طرف بسكرة السلفية

» في حكم التجنُّس بجنسية الكفار للعلامة محمد بن علي فركوس حفظه الله
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالسبت 19 أغسطس 2023, 18:25 من طرف بسكرة السلفية

» شهادة حق في شيخنا محمد علي فركوس على ما افُتري عليه أنّه انفرد مع الخارجي -بحق-علي بن حاج
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالجمعة 18 أغسطس 2023, 17:53 من طرف بسكرة السلفية

»  العلامة محمد علي فركوس-حفظه الله-: "غالب الذين تزعزعوا أو خذلوا الحقّ فعلوا ذلك من أجل مصالحهم
العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Emptyالخميس 17 أغسطس 2023, 23:57 من طرف بسكرة السلفية


العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان

اذهب الى الأسفل

العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان Empty العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان

مُساهمة من طرف بسكرة السلفية الأحد 18 أبريل 2021, 17:13

العِقدُ المُرصَّعُ بالجمَّان في إِيضَاحِ ما يجبُ على الحَاملِ والمُرضِعِ إذَا أفطرتَا فِي رَمَضان::* 
    *بسم الله الرَّحمن الرَّحيم*
الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمَّد صلَّى الله عليه، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، أمَّا بعدُ:
فإنَّ من المسائل التي تشعَّب فيها الخلاف بين أهل العلم، مسألة " *ما يجبُ على الحامل والمرضع إذَا أفطرتا في رمضان* "، حتَّى إنَّ طالب العِلم ليقفُ أمامَ هذا الخلاف حيرانًا؛ لأنَّه يقفُ أمام بحرٍ خضمٍّ لا ساحل له، ولا يُحسن السِّباحة فيه إلا مَنْ أطالَ التَّردُّد عليه، فأحاطَ به علمًا، وذاقَ مُرَّ التَّعلُّم فيه، وإلا فإنَّك تجده في حيرةٍ؛ يأخذُ بقولٍ تارةً، ثمَّ يتركُه أخذًا بقولٍ آخرَ تارةً أُخرى، ولكنَّ طالبَ العلم الذي ضبطَ أُصولَ العلم، وكيفيةَ التَّعامل مع مسائل الخلاف، والمنهجَ القويم في الأخذ بالأرجح من الأقوال، كلَّما ازداد بحثًا في هذه المسألة، ازدادَ يقينًا بعُمق الخلاف فيها، وبدت له حقيقتُه، ومآخذ العلماء لأقوالهم فيه، فينكشفُ له ما قد يخْفَى على غَيره، وقد كنتُ منذُ سِنين أجْمع أقوَال أهل العِلم في هذه المسألة؛ حتَّى ظننتُ أنِّي أحطتُّ بجميع أقوالهم، ومناقشتها قولاً قولاً، مقدِّما في ذلك نُصوص الكتاب والسُّنَّة، وما فهمَه منها سلفُ الأمَّة، مؤيِّدًا ذلك بالإجماع الصَّريح، والقياس الصَّحيح؛ دُون تعصُّبٍ لمذهبٍ من المذاهبِ، أو تقليدٍ لشيخٍ من الشُّيوخِ، وهذا لا يعني الاعتمادَ على نفسي في الفَهم والتَّرجيح، دون الرُّجوع إلى الرَّاسخين في العلم؛ ولكنِّي جعلتُ أقوالَهم -رحمهم الله جميعًا-، نبراسًا يُستضاءُ به فى فهمِ ما أشكل عليَّ، وترجيحِ ما كان صوابًا من الأقوال، من غير مخالفةٍ للنُّصوص الشَّرعيَّة، فكان حالي كما قال القائل:


أَسيرُ خلْف رِكاب النُّجب ذَا عَرجٍ ¤ مؤمِّلاً غيرَ ما يَقضي به عَرَجِي
فإنْ لَحقتُ بِهم من بعْدِ ما سبقُوا ¤ فكَمْ لربِّ الوَرَى في ذَاك من فَرجِ
 وإن بقيتُ بظهر الأرضِ مُنقطعًا ¤ فَما على أعَرجٍ في ذاكَ من حَرجِ


أي: إنَّ ما ترجَّح لي في هذه المسألة، وكنتُ قد أصبتُ الحقَّ فيه، فإنَّ الفضلَ والمنَّةَ لله تعالى وحده، وإن أخطأتُ فمن نفسي والشَّيطان، وإنِّي لأرجُو من العفوِّ الغَفور الرَّحيم، أن يَعفوَ عنِّي، وأن يَغفر لي، وأن يَرحمني، وأن يوفِّقني في المستقبل لطلبِ العلم النَّافع، الذي أنالُ به محبَّته ورضاهُ.


ودُون إطالةٍ في التَّقديم، فالذي وقفتُ عليه من كلام العُلماء في هذه المسألة؛ هو تَناولهم لها من ثلاثِ جهاتٍ وهي:


١/حُكم الحامل والمرضع إذا خافَتَا على أنفسهما وعلى ولديهما.
٢/حُكم الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فقط.
٣/حُكم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط.
وكلُّ جهةٍ من هذه الجهات الثَّلاث، تُمثِّل صُورة من صور المسألة، وفيها خلافٌ طويل وعريض؛ فيجدُ الباحث أنَّ من العُلماء من فرَّق بين هذه الصُّور؛ وأعطى لكلِّ صورة حكمها، ومنهم من لم يفرِّق فجعل لها جميعًا حكمًا واحدًا، أو يجمع بين صورتين في حكمٍ واحدٍ، ومِن هنا تجد أنَّ هناك مَن يُوجبُ القضاء والكفارة معًا، وهناك مَن يقتصرُ على أحدِهما فقط، بل هناك من العلماء من قال: يُفطران ولا قضاء عليهما ولا كفارة، إلى آخر ما دوَّنوه في كتبهم الفقهيَّة، وشروحهم لدَوَاوين السُّنَّة النَّبويَّة.


وبعدَ نَظرٍ وتأمُّلٍ في تِلك الأقوال وأدِلَّتها، ومناقشتِها مناقشةً علميَّة سلفيَّة، *ترجَّح لي منها قولُ من قال: إنَّ عليهما القضاء فقط،* وحتَّى لا ألجَ في عرض الخلاف فيطول بنا المقال؛ فإنِّي أكتفي في مقالي هذا بذكر ما يُرجِّح القول المختار، وذلك هو زبدةُ ما توصَّلتُ إليه في بحثي هذا، وألخِّص لطالبِ العِلم ذلك في النِّقاط الآتية:


 *_أوَّلاً:_* اعلم يا طالب الحقِّ في هذه المسألة، أنَّه لا يُوجد نصٌّ قاطعٌ صحيحٌ صريحٌ في وجوب أحد تلك الأقوال، ولعلَّ هذا ما جعل ابن حزم -رحمه الله- في كتابه المحلَّى (٤١١/٤-٤١٢) يقول: "فلم يتَّفقوا على إيجاب القضاء، ولا على إيجاب الإطعام، فلم يجب شيءٌ من ذلك إذْ لا نصَّ في وجوبِه ولا إجماعَ" انتهى.
ووافقه على إسقاط القضاء والإطعام العلامة حمَّاد الأنصاري -رحمه الله-، في رسالتِه تُحفة السَّائل عن صوم المرضع والحامل (ص/١٣٣)، حيثُ قال: "أصابَ ابنُ حزْمٍ؛ لأنَّهما فعلا ما يجوز لهما فعله، والذِّمَّة بريئة فلا يثبتُ فيها شيءٌ إلا بيقينٍ، ولا يقينَ مع الاختلاف" انتهى.


قلتُ: وقولهما هذا له حظٌّ من النَّظر لكن تردُّه المرجِّحات الآتية وبالأخص الثَّاني.


 _*ثانيًا:*_ نصَّ ابنُ حزْمٍ في المحلَّى (٤١٢/٤) على أنَّ التَّفريقَ بين الحامل والمرضع في الحُكم تقسيمٌ لا يحفظُ عن أحدٍ من الصَّحابة والتَّابعين.


قلتُ: وكذا إسقاط القضاء والإطعام معًا على المسلم البالغ العاقل المقيم الذي عُذره دائمٌ، فضلا عمَّن عُذره مؤقتٌ، فإنَّه لا يُعرف عن أحدٍ من السَّلف الصَّالح قد قال به، وإنَّما المعروفُ عنهم في مسألة الصِّيام؛ أنَّه لا بدَّ من القضاء أو الإطعام، فكما أنَّ الله تعالى لم يُوجبهما معًا، فكذلك لم يُسقطهما معًا، فيبقى الحكم لأحدهما، وهو القضاء على الرَّاجح، ولذا قال الإمام الأوزاعي-رحمه الله-: "الحملُ والإرضاعُ عندنا مرضٌ من الأمراض، تقضيان ولا إطعام عليهما" ذكره عنه ابن عبد البر في الاستذكار (٢٢٢/١٠).


 *_ثالثًا:_* فإنْ قال قائل: صحَّ عن ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- إيجابُ الإطعام عليهما دُون القضاء، ولا يُعلم لهما مخالف من الصَّحابة -رضي الله عنهم-؟.
قلتُ: نعم صحَّ ذلك عنهما؛ ولذا كان هذا القول من أقوى الأقوال في هذه المسألة، إلا أنَّه يَعكُر عليه أمران:


 *الأمر الأوَّل:* أنَّه وردَ عنهما خلافُ ذلك، فابن عمر رَوى عنه البيهقي في السُّنن الكبرى (٣٨٩/٤)، أنَّه يلزم القضاء بعد الإطعام.
وأمَّا ابن عباس فقد روى عنه عبد الرَّزاق في مصنفه (٢١٨/٤)، أنَّه يلزمهما القضاء ولا تطعمان.


فإنْ قيل: هذان الأثران لا يصحَّان عنهما؟ بل هما مخالفان للصَّحيح عنهما؟
نقولُ: أولاً لا بدَّ من إعادة النَّظر في درجة إسناديهما، وهذا ما لم يتيسَّر لي؛ لكنِّي أقولُ ثانيًا: حتَّى وإن لم يصحَّا، فإنَّ إيجاب الإطعام لوحده فيه نظرٌ؛ لأنَّ القضاء مجمعٌ عليه -كما سيأتي-، ويؤيدُ هذا أنَّ من جَمع بين القضاء والإطعام استدلَّ للإطعام بالأثرين الصَّحيحين المتقدِّمين، أي جعل حكمهما تبعًا للقضاء، لا أنَّه حكمٌ مستقلٌّ، وهذا ما عليه جمهور الشَّافعيَّة والحنابلة، ويوضِّح هذا ما قاله ابنُ قدامة -رحمه الله- في المغني (١٤٩/٣): "وجملةُ ذلك أنَّ الحامل والمرضع، إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر، وعليهما القضاء فحسب، لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافًا؛ لأنَّهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا، وعليهما القضاءُ وإطعام مسكين عن كلِّ يوم" انتهى.


وهذا يُفيدنا أنَّ الاكتفاء بالإطعام فقط محلُّ نظرٍ، وأنَّ قياسهما على الشَّيخ الكبير والعجوز الكبيرة، العاجزين عن الصِّيام عجزًا تامًّا، كما فسَّر به ابن عباس الآية غيرُ صحيح؛ لأنَّه خالفه جمع من الصَّحابة في تفسيرها؛ ولأنَّ القياس هنا محلُّ نظرٍ لاختلاف العذر -كما سيأتي- ولذا قال العلاَّمة ابنُ باز -رحمه الله- في مجموع فتاواه (٢٢٧/١٥): "وما يُروى عن ابن عباسٍ وابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ على الحامل والمرضع الإطعامَ، هو قولٌ مرجوحٌ مخالفٌ للأدلَّة الشَّرعيَّة؛ والله سبحانه يقول《وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ》؛ والحامل والمرضع تُلحقان بالمريض، وليستَا في حكم الشَّيخ الكبير العاجز؛ بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتَا ذلك ولو تأخَّر القضاء" انتهى.


فإن قال قائل: أليسَ تفسير ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- متعلِّق بسبب نزول الآية، والمقرَّرُ عند أهل العلم بالحديث أنَّ تفسير الصَّحابيِّ الذي له تعلُّقٌ بسبب النُّزول له حكمُ الرَّفع؟
الجوابُ: بلى هذه قاعدةٌ صحيحة لكنَّ كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- ليس متعلِّقًا بسبب النُّزول؛ وإنَّما متعلِّقٌ بحُكمٍ شرعيٍّ، وللرَّأي فيه مجالٌ، فلذا لا يُحكم له بالرَّفع، وإنَّما حسبُه أن يحكم له بالوقف فقط؛ ولذَا خالفه أكثر الصَّحابة في تفسير الآية كما تقدَّم، ومن راجع كلامَ ابن جرير الطَّبري -رحمه الله- في تفسيره أدرك ذلك؛ وتبيَّن له أنَّ قولهم هو الموافق لظاهر القرآن .


 *الأمر الثَّاني:* مخالفة فتواهما لظاهر ما رواه أهل السُّنن، وصحَّحه الألباني من حديث أنس بن مالك الكعبي -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله ﷺ قال ((إنَّ الله وضعَ عن المسافر شطر الصَّلاة، وعن المسافر والحُبلى والمرضع الصَّوم)) وهذا لفظ البيهقي في سننه الكبرى (٤٨٩/٤)، وقد بوَّب له بقوله: باب الحامل والمرضع لا تَقدران على الصَّوم أفطرتَا وقضتَا بلا كفارة كالمريض. قال الشَّيخ محمد علي آدم الأثيوبي -رحمه الله- في ذخيرة العقبى (٢١٥/٢١): "سوَّى النَّبي ﷺ  بينهما وبين المسافر في وضع الصوم عنهم، ومعلوم أنَّ المسافر يقضي، ولا إطعام عليه" انتهى.
وقال المباركفوري -رحمه الله- في التُّحفة (٣٣١/٣): "قال البخاري في صحيحه قال الحسن وإبراهيم في المرضع والحامل؛ إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما تفطران ثم تقضيان انتهى. واستدل من قال إنَّ الحامل والمرضع تُفطران وتَقضيان ولا إطعام، بأنَّ الأصل فيه قوله تعالى 《فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أَخَرَ》؛ أي إذَا أفطر يلزم عليه الصَّوم بقدر ما فَاته، ولا أثرَ للفدية فيه، والحاملُ والمرضعُ أُعْطِيَ لهما حُكم المريض، فيلزم عليهما القضاء فقط ويشهد له حديث الباب" انتهى.


قلتُ: وهذا الحديث هو حديث أنس بن مالك الكعبي -رضي الله عنه-، ونستفيد منه حُكمين:


 *الحكم الأوَّل:* أنَّه لا فرق بين الحامل والمرضع في وضع الصَّوم عنهما؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يفرِّق بينهما، كذلك لم يحفظ عن أحدٍ من الصَّحابة أو التَّابعين أنَّه فرَّق بينهما؛ كما تقدم نقلُهُ عن ابن حزم، أضف إلى ذلك أنَّ الصَّوم الذي يُلحقُ الضَّرر بالنَّفس منهيٌّ عنه؛ لقوله تعالى 《وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ》، ومثله الصَّوم الذي يلحقُ الضَّرر بالجنين أو الرَّضيع منهيٌّ عنه أيضًا؛ لأنَّ الجنين والرَّضيع ولدٌ، والولدُ منهيٌّ عن قتله، لقوله تعالى 《قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ》، فعُلم من هذا أنَّه لا فَرق بين الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفًا على أنفسهما فقط، أو على ولديهما فقط، أو على أنفسهما وولديهما، أي أنَّ جميع الصُّور الثَّلاث -المتقدِّمة- لها حكمٌ واحدٌ، وهو القضاء على الرَّاجح.


 *الحكم الثَّاني:* أنَّ المسافر يشترك مع الحامل والمرضع في وضع الصوم كما هو ظاهر الحديث، ومعنى وضع الصَّوم عنهم؛ إنَّما هو حال قيام العذر بهم، وعلى جهة إيجاب قضائه بالإفطار من غير فدية، قال شيخ المفسِّرين-رحمه الله- (٤٣٧/٣): "معناه أنَّه وضَع عن الحامل والمرضع الصَّومَ ما دامتا عاجزتين عنه حتَّى تُطيقا فتقضيا" انتهى.


ويوضِّحُ ذلك أنَّ المسافر يجبُ عليه القضاء فقط وبالإجماع دون فدية، فكذلك الحامل والمرضع عليهما القضاء فقط دون فدية؛ لاشتراكهم جميعًا في وضع الصَّوم عنهم، ولذا قال ابن العربي المالكي -رحمه الله- في عارضة الأحوذي (١٨٩/٣): "وظاهر حديث أنس الكعبي يقتضي أن يفطرَا ويقضيَا خاصَّة؛ لأنَّ الصَّوم موضوعٌ عنهما، كوضعه عن المسافر إلى عدَّة أخرى" انتهى. ويؤيِّد هذا الظَّاهر للقرآن الذي حكاه ابن العربي -رحمه الله-، ما حكاه ابن قدامة -رحمه الله- في المغني (١٤٩/٣) من اتِّفاق العلماء على أنَّ الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فعليهما القضاء فقط، فقال -رحمه الله-: "لا نعلمُ فيه بين أهل العلم اختلافًا، لأنَّهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه" انتهى.


قلتُ: وإذا لم يكن هناك فرقٌ بين هذه الحال، وبين خوفهما على أولادهما، أو على أنفسهما وأولادها -لما تقدَّم تقريره-، فيكون الرَّاجح أنَّ عليهما القضاء فقط على جميع الصُّور الثَّلاث.


 *_رابعًا:_* القياس الصَّحيح على المريض الذي يرجى برؤه؛ قال الشَّيخ ابن باز -رحمه الله- في مجموع فتاواه (٢٢٥/١٥): "الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شقَّ عليهما الصَّوم شُرع لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك كالمريض" انتهى؛ لأنَّ الحامل والمرضع من أهل الأعذار، والعذرُ عند أهل العلم ينقسم إلى قسمين:


 *القسم الأوَّل:* عذرٌ دائمٌ لا يُستطاع معه الصَّوم كالشَّيخ الكبير في السِّنِّ، والمريض مرضًا مزمنًا يعجزُ معه على الصَّوم، فهذا فرْضُه هو الإطعام فقط؛ وهو بديل عن الصَّوم الذي سقط عنه لعجزه.


 *القسم الثَّاني:* عذرٌ زائلٌ يُستطاع معه الصَّوم في المستقبل، كالمريض مرضًا يُرجى بُرؤه، وهذا فرْضُه هو الصِّيام أداءً إذا استطاع الصيام، وقضاءً متَى زال عذره، بدليل قوله تعالى 《فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أَخَرَ》.
ولا شكَّ ولا ريبَ أنَّ الحمل والإرضاع من أعذارِ القسم الثَّاني؛ أي أنَّهما مرضٌ من الأمراض التي يُرجى زوالها، فينزَّلان منزلة المريض؛ بل إنَّ زوالَ عذرهما ممَّا لا شكَّ فيه؛ فالحامل زوالُ عذرها بوضع الحمل -الولادة-، والمرضع زوالُ عذرها بفطم الصَّبي، وربَّما قبله إذا صار يأكل، ومتى زالَ العذر عنهما رجعتَا إلى الأصل وهو فرْضُ الصِّيام عليهما، وممَّا لا خلاف فيه أنَّه يكون قضاءً لا أداءً، عملا بقوله تعالى 《فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ》، ومن هنا قال الشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الشَّرح الممتع (٢٢٠/٦): "وهذا القول-القضاء فقط- أرجح الأقوال عندي؛ لأنَّ غاية ما يكون أنَّهما كالمريض والمسافر فيلزمهما القضاء فقط" انتهى.
 
 وبما قاله ابن عثيمين، قاله ابن باز، ومقبل الوادعي، والإثيوبي -رحمهم الله جميعًا-، وما ذهبَ إليه هؤلاء العلماءُ الأجلاَّء، قال به أيضًا شيخنا عبيد الجابري -حفظه الله تعالى- في شرحه لعمدة الفقه، وأفتى به كذلك شيخنا صالح السُّحيمي -حفظه الله تعالى-.


هذا مُجاجة ما يسَّر الله لي سبْكَه في هذه المقالة؛ في إيضاح ما يجبُ على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان، وهو القضاء فقط متى استطاعتا الصِّيام، فإنْ وفِّقتُ وأصبتُ الحقَّ في هذا الإيضاح والبيان، وقد رصَّعتُه حقًّا كما يُرصَّع العِقدُ بالجمَّان، فالحمد لله وحده، على ما مَنَّ به ويسَّر، وإن كانت الأخرى ونعوذ بالله من الخذلان، فأستغفرُ الله وأتوبُ إليه؛ وأسأله جلَّ في علاه أن يعصمني من الزَّلل، وأن يفتح عليَّ من واسع فضله؛ إنَّه جوادٌ كريمٌ، رؤوفٌ رحيمٌ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله العليِّ العظيم.


 *كتبه أخُوكم ومحبُّكم في الله أبو حذيفة محمد بن سعد طالبي وادي سوف الجزائر في يوم الخميس ٠٣ رمضان ١٤٤٢ هجري الموافق ١٥ أفريل ٢٠٢١ ميلاي.*
بسكرة السلفية
بسكرة السلفية
مدير

عدد المساهمات : 1148
تاريخ التسجيل : 17/06/2015

https://biskrasalafia.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى