وقفات مع كتاب الدكتور صالح بن عبد الله العبود "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب"

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأت في كتاب الدكتور صالح بن عبد الله العبود سدده الله "عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" وجذت فيه بعض ملاحظات.
في كثير من صفحات الكتاب مطبوع كلمة "مشائج" هكذا بالهمز؛ ولا يخفي أن الصحيح "مشايخ".
وقد قيل: احذر من همز المشايخ؛ وهذه واحدة.
والثانية: ملاحظة تاريخية؛ في الصفحة 1102 من الطبعة الرابعة عنوان "حول ما يقال تأثر بعض الحركات والدعوات بعقيدة الشيخ السلفية" قال: "وما قيل من تأثر بعض الحركات والدعوات في خارج سلطان أنصار عقيدة الشيخ مثل حركة السنوسي في ليبيا ... كل ذلك يحتاج إلى دقه وتحقيق ...
ثم قال: فكل هذه المذاهب وما كان على هذه الشاكلة لا تعرف بعقيدة السلف الصالح وهي العقيدة التي يعتقدها الشيخ. فأصحابها يخالفونها في كثير أو قليل والأمثلة على ذلك كثيرة فهذا السنوسي؟! قد سئل عنه أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ حمد بن ناصر رحمهم الله فقال السائل السنوسي المغربي، مصنف السنوسية، [هو من أئمة أهل السنة والجماعة، وتكلم بالسنوسية (سقط)] المعروفة بعلم الصفات، فهل تنقمون عليه شيئاً من ذلك؟ الخ. فكان جوابهم أن السنوسي ليس من أئمة السنة والجماعة، فإن أهل السنة والجماعة، هم الذين نعتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر ((أن بني إسرائيل افترقت على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)) قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) والسنوسي المذكور، صنف كتابه: أم البراهين، على مذهب الأشاعرة، وفيها أشياء كثيرة، مخالفة ما عليه أهل السنة، فإن الأشاعرة، قد خالفوا ما عليه السلف الصالح في مسائل: منها مسألة العلو، ومسألة الصفات، ومسألة الحرف والصوت. الخ جوابهم"
أقول: جواب الأئمة صحيح ولكن لا يقصدون السنوسية الصوفية التي جاءت بعد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله والذي مؤسسها محمد بن علي السنوسي المولود سنة 1202هـ المتوفي سنة 1276هـ.
وإنما كان جوابهم على صاحب كتاب ((أم البراهين)) وهو محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسى الحسنى المولود سنة 895 هـ 1490 م انظر أخي الفاضل غير مأمور ترجمته في ((الأعلام)) للزركلي، وهذا قبل ولادة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بأكثر من مائتي سنة؛ فبهذا يكون الاستدلال في غير محلة.
والملاحظة الثالثة: في الصفحة 1102 وما بعدها من الطبعة الرابعة تحت عنوان "حول ما يقال تأثر بعض الحركات والدعوات بعقيدة الشيخ السلفية" أيضًا قال: "وما قيل من تأثر بعض الحركات والدعوات في خارج سلطان أنصار عقيدة الشيخ مثل حركة السنوسي في ليبيا وحركة أحمد عرفان في الهند وحركة نزار على الهند أيضا وحركات البدري الثلاث في أندنيسيا وحركة الإخوان المسلمين وبعض دعاة في البلدان قيل إنهم تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مثل الشيخ محمد عبده وجمال الأفغاني ... ثم قلتم: وما قيل من أن إصلاح سلطان المغرب المولى سليمان بن محمد في المغرب وعبد الحميد بن باديس في الجزائر قد تأثروا بدعوة الشيخ كل ذلك يحتاج إلى دقه وتحقيق ...
ثم انتقد هذه الحركات والدعوات والثورات وأتي ببعض شطحاتهم؛ ولكن لم يأت بانتقاض واحد للعلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله.
قوله: قد تأثروا بدعوة الشيخ كل ذلك يحتاج إلى دقه وتحقيق لعله صحيح؛ ولكن يفهم من قوله في الصفحة 1112 وكل تلك الدعوات والحركات لا تخلو واحدة من سمة تدل على عدم ارتباطها بعقيدة الشيخ شيء من هذه الطرق الصوفية ولا الأشعرية ولا القبورية ولا المذاهب السياسية التي تريد التسلط ولا النزعات الثورية.
ولا يخفي أخواني الكرام أن "كل" من صيغ العموم، فقد أدخل العلامة السلفي عبد الحميد بن باديس رحمه الله مع المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع.
والملاحظة الرابعة: قوله في حاشية الصفحة 1105: انظر: العقائد، للإمام حسن البنا، وكرر ذلك في الصفحة التالية، وفي حاشية الصفحة 1107 والتي تليها قال: رسالة التعالم، للإمام حسن البنا.
انظر أخي الكريم كيف الدكتور صالح بن عبد الله العبود ينصب حسن البنا إمامًا مع أنه ينتقضه في عقيدته؛ حيث قال في الصفحة 1105: ورجح مذهب أهل التفويض وجعلهم هم السلف؟!!
وقال في الصفحة 1106: ويدعي هذا البعض من أولئك الدعاة أن في نصوص الصفات ما يوهم التمثيل والتشبيه.
وقال في الصفحة 1107: وفي تعاليمهم أن أركان بيعتهم عشرة أولها: الفهم ويريدون بالفهم أن يفهم الإسلام في حدود ما يسمونه بالأصول العشرين وفي أكثرها نظر.... هكذا ذكرتم إلى أخر انتقده.
وقال في الصفحة 1108: نقلت عن حسن البنا "ويرون الاستعاذة بالمقبورين ونداءهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد والنذر لهم. وما يلحق بذلك من المبتدعات الكبائر"
ثم عقب: بينما هي شرك ينقض الإسلام وليست مجرد كبائر ومبتدعات على المصطلح في مفهوم الكبائر والمبتدعات التي لا تخرج من الملة، وهكذا.
إلى أخر انتقده.
أقول: كيف بربك يا دكتور صالح تصفون هذا الضال بالإمام مع كل ما فيه من الضلال وهذا الكفر الذي لا يخفي عليكم.
أقول: وليس البنا فقط من وصفه بالإمام، فكذلك محمد عبده هذا الضال المنحرف.
وقال في الصفحة 1109: وهذا الأستاذ الإمام محمد عبده في رسالة التوحيد ...
ثم قال: وقد استدرك عليه تلميذه محمد رشيد رضا فقال: (فات الأستاذ أن يصرح بتوحيد العبادة ... ).
ثم نقل كلام العلامة محمد خليل هراس رحمه الله قال ) وقد غلط الشيخ عبده في اعتباره توحيد الربوبية والانفراد بالخلق هو الغاية العظمى من بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام ...(.
ثم قال: وغير ذلك من شطحاته في الملائكة والجن ونحو ذلك كما في تفسير المنار نقلا عنه.
أقول: فهل من عنده هذه الشطحات وهذا الضلال يوصف بالإمام.
فلعل قال يقول أن هذا من الدكتور صالح بن عبد الله العبود قديم قبل أن يتبين كلام العلماء في هذين الضالين.
أقول: فما يمنعه الآن من البيان والتراجع علنا كما انتشر كلامه علنا وهذه الطبعة الرابعة التي بين يدي ولم أر فيها ترجع أو بيان؛ فلعله ينخدع بكلامه طويلب علم يحسن به الظن.
وفي الختام أسأل الله أن أكون قد وفقت في هذه الملاحظات؛ وأسأله سبحانه أن يرينا وإياكم الحق ويرزقنا إتباعه. وأخر دعونا الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه: عزالدين بن سالم أبوزخار
يوم الأحد 19 رجب 1435 هـ الموافق 18 مايو 2014 م