من طرف أبومارية عباس البسكري الأربعاء 17 يونيو 2015, 14:17
إن الحمد لله ، نحمده ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) . [ آل عمران : 102 ] . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . [ النساء : 1 ] . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) . [ الأحزاب : 70 - 71 ] . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أيها المسلمون : في محكم التنزيل ، الذي هو خير القيل ، ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) . [ فصلت : 42 ] ، يقول الحق - جلَّ ثناؤه ، وتقدست صفاته وأسماؤه - : ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) . [ المطففين : 14 ] .
والمعنى : أن الأمر ليس كما يزعم الكفار ؛ أن ما أوتيه محمد - صلى الله عليه وسلم - من تنزيل الله ووحيه هو أساطير الأولين ، لكن خيم على قلوب هؤلاء وغطى عليها - حتى لا يصلها شيءٌ من الحق ولا تنشرح لقبول الحق - ما كانوا يكسبونه من الكفر ، الذي حملهم على رد ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلّم - .
عباد الله : واعلموا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، يوضح هذا قوله - صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد إذا أذنب الذنب نكت في قلبه نكتة سوداء ، فإن هو تاب ونزع واستغفر صقل ، ولا يزال العبد يذنب الذنب ، فذالكم الران ، ثم تلى ذالكم الآية : ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) . [ المطففين : 14 ] .
فهذا الحديث - يا عباد الله - نصٌ صريحُ في الدلالة على أن المعاصي إذا أصر عليها العبد واستحلها واستعبدها ؛ حجبت عن قلبه نور الهداية ، فيصبح لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا. .قال الحسن البصري - رحمه الله - في معنى هذه الآية : ( هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت ) . وبقول الحسن - هذا - قال غير واحد من الأئمة ؛ منهم : مجاهد بن جبر ، وقتادة بن دعامة السدوسي ، رحم الله الجميع .
أيها المسلمون : من نظر في الكتاب الكريم ، وفيما صح به النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وجد فيهما من الأدلة على مثل ما أفادته هذه الآية ، والحديث الآخر الذي بعدها - وهو حديث صحيح - ، وكلها متضافرة على أن الله - سبحانه وتعالى - جعل المعاصي مجلبة لأليم عقابه ، وعظيم سخطه ، ومن تلكم الآيات في الدلالة على هذا المعنى - أيها المسلمون - ، قول الحق - جلَّ ثنائه - : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ . وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) . [ الشورى : 30 - 31 ] .
ولئن اغترَّ أناس بما يتظلل فيه العصاة والظلمة والفساق من وافر النعم ؛ من صحةٍ وجاه ومنصب وأموال وبنين ، فإن هذا مما مضت به سنة الرب - جل وعلا - وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، فإنه - سبحانه وتعالى - يمهل ولا يهمل ، ويوضح هذا - يا عباد الله - قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ... وقرأ : وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) .
أيها المسلمون : ألستم تسمعون وتقرؤون وتلحظون فشو أمراض فتاكة ، استعصت على الأطبة !؟ وتلكم الأمراض الفتاكة ؛ مثل : الإيدز ، والسيلان ، والزهري لم تكن معروفة فيمن مضى من أسلافكم ، ألستم - يا عباد الله - تعانون من شدة المؤونة والكلفة في المعيشة ، ارتفاع أسعار وشح موارد !؟، ألستم - أيها المسلمون - ترون رأي العين وتشاهدون ما حل بالعباد والبلاد من شدة الجدب والقحل وشح المياه وغورانها ؛ حتى هلك كثير من الحرث والنسل !؟، ألستم - أيها المسلمون - تعلمون ما جرى من تسلط الكفار - أعداء الله وأعداء رسوله - على بعض أقطار المسلمين ، فاستباحوا فيها الحرمات ، وانتهكوا الأعراض ، واغتصبوا الأموال !؟، ألستم تدركون سماعًا - كأنه رأي العين - ما حل بالمسلمين من الحروب الطاحنة فيما بينهم ، فأصبح القوي يأكل الضعيف ، وما نجا إلا من رحم الله !؟.
عباد الله : أخبر نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وخبره الصدق وقوله الحق - عما حلَّ وسوف يحل ، ونسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة - ، ومما صحّ به النقل عنه ما أخرجه أحمد وابن ماجة القزويني من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يا معشر المهاجرين : خمس خصال إذا ابتليتم بهنّ - وأعوذ بالله أن تدركوهن - ؛ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها ؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن معروفة في أسلافهم الذين مضوا ، وما نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ، وما منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السما ، وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًا من سوى أنفسهم ، أو قال من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما نزل الله على نبيه إلا جعل الله بأسهم بينهم ) .
أيها المسلمون : دل كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - على أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ، وما رفع إلا بتوبة ، فاستعينوا بالله على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وسارعوا إلى الطاعات من فرائض ومستحبات ، وجانبوا - أيها المسلمون - المحرمات ؛ فإنها مجلبة للمساخط وعظيم العقوبات .
بادروا - أيها المسلمون - بالتوبة والاستغفار ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتبع نفسه هواها ونمنى على الله الأماني . واعلموا - أيها المسلمون - : أن الدنيا هي دار الممر والعمل ومحاسبة النفس ، وأن الآخرة هي دار القرار والجزاء والحساب ، فتفطنوا عباد الله قبل أن يندم النادمون ولات ساعة مندم .
ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فعليه المستعان وعليه التكلان ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:34 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» النُّكَتُ الحِسَانُ مِنْ مَجَالِسِ مَدِينَةِ تُونَان
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:25 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» النُّكَتُ الحِسَانُ مِنْ مَجَالِسِ مَدِينَةِ تُونَان
الخميس 07 نوفمبر 2024, 21:15 من طرف يحيىٰ أبو بكر
» سئل شيخنا العلامة فركوس حفظه الله عن رجلان إختلف في مسألة من مسائل البيوع
الجمعة 25 أكتوبر 2024, 18:16 من طرف بسكرة السلفية
» سئل فضيلة الشيخ فركوس عن بعض الأشخاص والتجار من خارج ولاية العاصمة، يشترون إقامة لترقيم سياراتهم بال 16 حتى لا يتم عرقلتهم في الحواجز الأمنية.
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 20:55 من طرف بسكرة السلفية
» في حكم إدخال الأولاد إلى روضة الأطفال _ فضيلة الشيخ محمد علي فركوس
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 20:31 من طرف بسكرة السلفية
» فتوى رقم: ١٣٨٨ في حكمِ تأخيرِ ردِّ المالِ الزَّائدِ إلى المُشتري العلامة محمد علي فركوس-حفظه الله
الثلاثاء 22 أكتوبر 2024, 11:12 من طرف بسكرة السلفية
» سئل فضيلة الشيخ فركوس عن أحد عنده محل لبيع الأكل السّريع.. وقد حدث تسمّم لبعض من أكل عنده، هو يسأل عن تعويضهم.. وهل يعوض في الأيام التي يعملوا فيها بسبب مرضهم ؟!
الإثنين 21 أكتوبر 2024, 14:05 من طرف بسكرة السلفية
» في حكم جعلِ الصبيّ عقِبَ الإمام الشيخ فركوس حفظه اللّه
الأحد 20 أكتوبر 2024, 16:47 من طرف بسكرة السلفية