متى يكون الاستهزاء كفر، ومتى لا يكون.. وهل يمكن أن يُكفّر من قرأ القرآن مع الموسيقى ؟! العلامة فركوس حفظه الله

جديد الفتاوى

سئل فضيلة الشيخ فركوس صبيحة هذا اليوم :

فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم..
سمعتكم ذكرتم مرة في هذا المجلس المبارك أن قراءة القرآن بالآلات الموسيقية من أشنع البدع.
وقد سئلتم عن هذا قبل ثلاثة أيام عند خروجكم من المكتبة مرة أخرى فقلتم: بدعة شنيعة. وكان السّؤال شيخنا بمناسبة انتشار فيديو فيه ترتيلٌ لبعض آيات اللّه بآلات موسيقية.

ردّ بعض الأفاضل على هذا المقطع، وليبيّنوا خطورة هذا الفعل القبيح، استدلوا ببعض آيات الله كقوله عزوجل:" قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم " وساقوا بعض أقوال أهل العلم في الإجماع على كفر من استهزأ بالقران، كالقاضي عياض والنووي. ففهم الكثير من إخواننا من هذا، أنّ من قرأ القرآن بهذه الطريقة كافر، أو قد يكفر..

شيخنا، مما لا شك فيه أن قراءة القرآن بهذه الطريقة لا يجوز كما ذكرتم.. وهو بدعة. لكن الذي أشكل على بعض الإخوة حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قال فيه:" أيلعب بآيات الله وأنا بين أظهركم " وقول الله عزوجل:" ولا تتخذوا آيات الله هزؤا " ومعلوم عندكم سبب نزولها..
ولم نعلم أنه تم تكفير من وقع في هذا..
لو تكرمتم حفظكم الله ووضحتم لنا، متى يكون الاستهزاء كفر، ومتى لا يكون.. وهل يمكن أن يُكفّر من قرأ القرآن بهذه الطريقة ؟! وجزاكم الله خيرا.

فكان مما أجاب به حفظه اللّه:
" الاستهزاء خصلة غير تعظيمية .. والمراد بمعنى أن الرجل الذي يستهزء بشيء، يهينه.. ويحتقره. وهذا فيه معنى اللعب.. اللعب، فيه الاستهتار والاستهزاء وغيره.
الذي يقوم بالاستهزاء بالحجاب أو الجلباب أو الصّلاة فقد أجمعوا على أنه غير معظّم واختّل فيه ركن من أركان الإيمان.. لأن الإيمان عندهم قول وعمل. قول القلب وهو الإقرار.. وقول اللسان الذي هو تبع لهذا الأصل.. وعمل القلب عمل باطني.. وهو الاصل.. والأصل الآخر لعمل الجوارح، وهي تابعة لعمل القلب.

إذا كان الرجل غير معظّم فعمل القلب غير موجود ومن يحب ويعظم لا يفعل هذا.. بل يبجّل ولا يحطّ منه و يهينه ووو الى آخره. فهل الذي يقرأ القرآن بالآلات هو يهين القرآن؟!؟ ويستهتزء به؟! أم أنه في نظره يزيد في رونق الصوت بتلك الآلات، فيكون عنده تأويل في ذلك.. والنبي صلى اللّه عليه وسلم أمر بتلاوة القرآن وتزيين الصوت به.. وهذا رأى أنه من تمام التزيين إلحاق الموسيقى به.. لأن الصوفية عندهم ليست حراما.. بل وتزيد في رونقها.

مادام فيه شبهة التأويل و أنهم يقرؤونه من باب تزيين الصوت ومن باب الخشوع وليس من باب الاستهزاء والاستهتار، فوجود هذا يمنع من أن تحكم عليهم بالكفر.. لان هذا من أرقى قراءة القران عندهم.

هذا الطابع أخذوه من النصارى .. ولا يرون أن هذا من الحط بالقرآن..
نحن نقول أننا لا نستيطع تكفيرهم .. أولا لم يتحقق فيهم معنى الاستهزاء.. لأنهم يعظّمون القرآن في نظرهم.. كذلك الذين يرقصون في المسجد، هم ينظرون أنهم يتقربون بهذا إلى الله.. هذا عندهم عبادة والعبادة عندهم مقدّسة.. وليس فيها المعاني التي ذكرتها آنفا..

نعم، عندنا نحن نرى أنه لا دليل عليه و إدخال الموسيقى نوع من اللهو.. والموسيقى منهي عنها وو.. لكن هم على خلاف هذا، فبالتالي لا نستيطع أن نحكم عليهم بالكفر .. ليه ؟ لأنهم يعتقدون أنها عبادة يتقربون بها وليست كما نراها نحن.. وبالتالي لزم دعوتهم إلى ترك هذا.. و ليس لك في تكفيرهم سبيل. والعلم عند الله. "

19 ربيع الأول / 23 سبتمبر 2024.