في إثبات صفة القدم لله تعالى ... من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله-

فوائد عقديّة من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الخميس ٠٥ المحرّم ١٤٤٦ هـ)
س: جاء في الحديث أنه (لا تزال جهنّم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزّة تبارك وتعالى قدمه ..) الحديث، فهل يمكننا إثبات صفة القدمين من هذا الحديث؟! ..
ج: "نثبت ما أثبته النّص ولا نزيد، لأنّنا لا نعرف ذات الله تعالى، فلا نزيد من عندنا، ونثبت ما أثبته من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا غير ذلك .. ممّا وقع فيه أهل الأهواء.
نُثبت لله تعالى قدما، ونقول أنّها صفة ذاتيّة، ونقول: ليس كمثله شيء، فلا نعرف كيف.
كما نثبت له أصابع كما جاء في النّص، لا ندري كيف.
كما نثبت هذا بالحديث المتواتر؛ نثبته بحديث الآحاد، إن كان صحيحا؛ فيفيد العلم، وهذا إن كان من طريق صحيح.
ليس من ذلك أن نُثبت اللّوازم، فالبشر إذا تكلّم فإنه يتكلّم بلسان، فنثبت له اللّسان، والفم، وغير ذلك .. فهذه لوازم البشر، ولا نستطيع القول أن الله يتكلّم فنثبت له ما نثبته للبشر، فهذه لوازم بشرية.
كلام الله -مثلا- نثبته من غير تشبيه، ولا تحقيق للّوازم، فالله يتكلّم، كيف؟! الله أعلم.
عندما نقول الحصاة تسبّح بين يدي النّبي -صلى الله عليه وسلم- وكذا الشّجر .. هل عنده لسان؟!
وقوله: {ثمّ استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} الآية، فنثبت لهم هذا، لكن لا نُثبت لها لوازم البشر، فلا نثبته لله تعالى ..
إذا ثبت مثلا اليدين لله تعالى؛ نثبتهما، وإذا جاء حديث: (وكلتا يديه يمين) .. فنعرف أن الله تعالى له يدان .. في البشر يمينه أقوى من شماله .. لكن الله تعالى ليس كذلك، والكيف الله أعلم.
نثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه؛ وهو أعلم بها، ونثبت ما أثبته النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أعلم وأتقى منّا؛ من غير أن نشبّهه ببشر، أو كائن ..
ولا يجوز أن نُعطّل هذا، أو نُؤوّل؛ كما يفعل المؤوّلة بصفات الأفعال والذّات، ولا يثبتون إلا ذاته، فلا يثبتون الصّفات؛ لا السّمع، ولا البصر .. أمّا الأشاعرة فيثبتون سبع صفات، ولا يثبتون صفات الأفعال.
يقولون نزوله نزول أمره لا ذاته، وبعضهم يقول نزول رحمته لا ذاته، ونحن نثبت؛ فنقول ينزل تعالى بذاته، وينشر رحمته .. ونحو ذلك.
في حديث (وإن ربّكم ليس بأعور ..) هل يثبت فيه العينين؟! نعم.
هذا يُثبت، وفي الأول (القدمين) لا، ففي ذاك ذكر قدمه، فلا نزيد.
إذا قيل: فلان ليس بأعور؛ نفهم أن فلانا له له عينان.
قال تعالى: {تجري بأعيننا ..} الآية، فهما العينان، وليس معنى ذلك أكثر."