هل يُمكن القول أن كل صفة فعليّة هي صفة ذاتيّة فعليّة باعتبار؟! شيخنا فركوس -حفظه الله-

فوائد عقديّة من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الخميس ٠٥ المحرم ١٤٤٥ هـ)
س: هل يُمكن القول أن كل صفة فعليّة هي صفة ذاتيّة فعليّة باعتبار؟! ..
ج: "يقال بهذا الاعتبار؛ باعتبار الفعل بالذات لا لوحده، لابد أن يرتبط بالذّات.
مثلا: الصفة الذاتية فيها الفعل؛ تقول يتكلّم؛ هي صفة فعل، والكلام صفة ذات، أي مرتبطة به، لكن يتكلّم متى وكيف شاء، مع رسله، أو ملائكته، أو مخلوقاته؛ جماد أو غيره ..
الكلام حادث، والصفة في ذاتها قديمة أزلية، يتكلم باعتبار الفعل إذا أراد، فكلامه مرتبط بإرادته، قال: {إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} الآية، فإذا أراد شيئا قال: كن، أي تكلّم.
وقال: {وإذا أردنا أن نهلك قرية ..} الآية، هذه ترتبط بالإرادة، فالفعل يرتبط بالإرادة؛ وهي صفة ذاتية من صفات الذّات، أي من صفات الحيّ، وهو الله تعالى.
لا يمكن أن يكون الفعل لوحده، الكلام لا يمكن أن يكون غير مرتبط بالذات.
وكل الصفات الذاتية الاختيارية مرتبطة بالقيوم، وهو القائم بذاته، أي مرتبط بالذات، والصفات الاختيارية مرتبطة بالذات، القيوم مرتبط بالذات، وهو الحي، وأفعاله ترتبط بذاته.
النزول فعل -عند أهل السنة والجماعة- ينزل بذاته، وهو مرتبط بالذات.
{وجاء ربك} الآية، فمجيئه فعل، وهو مرتبط بذاته.
إذن أفعاله جميعها مرتبطة بذاته، لازمة لصفة القيوم، وهي صفة لازمة لذاته تعالى.
لا يجوز اتّخاذ أي صفة من الصفات إله، فكل الأسماء وإن تعدّدت تدلّ على ذات واحدة، فتجد أسماءه -تعالى- كثيرة، وذاته واحدة، موصوف واحد وأسماء كثيرة لله، و الموصوف بها هو المعبود، فالصفات غير معبودة؛ كالعلم، والقدرة وغيرها .. لا تُعبَد، إنما يُعبَد الموصوف بها، وهو الموصوف بكامل الصفات الدالة على الجلال، والجمال، والكمال، فهذه الأوصاف الثلاثة موجودة في صفات الموصوف -تعالى-
وهي تتّصف بالجلال؛ أي عظيمة القدر، والجمال تقريبا كلّها تدور حول رحمته، وفيها صفات تدلّ على كبريائه، وجبروته، وقهره، تدخل في الجلال، وكلّ هذه الصفات على وجه الكمال؛ لا نقص ولا عيب فيها كصفات الإنسان ..
الإنسان وإن كان غنيّا فبنسبة، والله غنيّ، فالإنسان رغم أنه غني بالمال فهو فقير إلى من يزرع الأرض، ومن يعمل .. هو فقط يشتري بماله، وإن كان غنيّا؛ المال لا يغنيه عن الأكل، فهو غني من جهة فقير في أخرى، عنده مال؛ لكنه يفتقر إلى الطبيب .. فغناه نسبي.
الله عزّ وجل غنيّ بذاته، وبغناه لا يحتاج غيره، بل غيره يحتاج إليه في كل الأمور.
نقول الله غني، والعبد غنيّ، هناك مشابهة، لكن الحقيقة مغايرة.
الله يبصر ويسمع، والعبد يبصر ويسمع، والعبد له سمع وبصر، والله -تعالى- له سمع وفي الحقيقة مغاير، فسمع الله ليس كسمع البشر ..
عندما نقول أن الله تعالى يسمع؛ هذا فعل، ويرتبط بالذات، ولا يمكن أن تكون صفة الفعل مجرّدة، فلابد أن ترتبط بذاته تعالى.
في سائر الصفات؛ كالمجيء, والنزول .. هذه دائما مرتبطة بإرادة، أي إذا أراد المجيء، أو الاستواء على العرش .. بإرادته وقدرته، أصبح العالم سفليّا، والله على العرش فوق السماء، وهذا بذاته ..
الله تعالى قد يُرسل رسله، وينسب إلى الله تعالى، ويرسل ملائكته، ويرسل الرياح .. فذاك بأمره، وأمره لا يخرج عن كلامه، وهو ذاتيّ، أما أمره بهذا فعلي.
لكن هبوب الرياح، ونزول المطر الّذي كان بأمره .. فهو أثر عن أمره، غير مرتبط بذاته، إنما بأمره، وأمره مرتبط بذاته -عز وجلّ-."