السؤال في كيفية دراسة الفقه الشيخ العلامة الإمام محمد علي فركوس -حفظه اللّه-

السؤال في كيفية دراسة الفقه

الجواب : قال الشيخ العلامة الإمام محمد علي فركوس -حفظه اللّه-

"أولا فيه فرق بين الفقه كعلم من علوم المقاصد وبين فقه الحديث الذي يستنبط منه الأحكام الشرعية وتتعرف فيه على راوي الحديث ودرجته والفوائد المستنبطة منه ،

ابتداء أرى أن الذي يريد أن يحصل على علم في مادة الفقه إذا كان من المبتدئين أن يختار الكتب التي تعتني بالحكم مقرونا بدليله ، الكتب المُيسرة التي تذكر الحكم في مسائل المياه والوضوء مثلا ، يعرف حكم الغسل وكيفية الغسل والأدلة التي تؤيد ذلك وله أن يتخذ بعض الكتب كما أشار الشيخ الألباني رحمه اللًه ( فقه السنة لسيد سابق مع التعليق عليه "تمام المنة" ) ليس الدخول في الفقه المقارن ،

هذا يتركه بعد أن يتدرج ، ولا يمنع أن يدرس فقه الحديث وعموم المعاني التي فيه مما هي من الأمور التي تستفاد من الحديث ،

الذي يُستنبط من الحديث حكم واحد متعلق بالمسألة ، مثلا مسألة بئر بضاعة قال النبي -صلى الله عليه وسلم - ( الماء طهور لا ينجسه شيء )
لكن هناك أمور أخرى متعلقة بالحديث من حيث ٱداب السؤال وأحوال ذلك الوقت ودرجة الحديث ...عدة أمور، لكن حكم واحد متعلق بالمسألة ،

ابتداء عليه ألا يدخل في الخلاف لأنه تلزمه مناقشة وهذه حتى تكون له إحاطة وقوة ،

عندي فقه المقارن الأفضل كل مسألة يضع لها أقوالها وأدلتها ويجمعها وإن كان قادر على الترجيح فبها ، و ينقل عن الكتب التي يرتاح لها كالموسوعة الكويتية مثلا ،
ومناقشة الأقوال هي التي تقوي فيه الملكة الفقهية التي تؤهله مستقبلا للنظر في المسائل وهذه تحتاج إلى أصول الفقه ، وإلا يبقى مكانك تراوح ، لأن الفقه المقارن مؤسس على الأصول ، لما ينظر في المسألة لا يعرف أين تدور، بين العموم والخصوص أو الإجمال فيحتاج إلى تفصيل ....
 وإذا استحكم على الأصول يسهل عليه ترجيح المسائل ، وهناك من يعرف الأصول ويحفظها لكن لا يستطيع استعمالها لأنه لا يشخص المسألة جيدا ( كالطبيب يشخص الداء ثم يعطيك الدواء الذي تتحسن به حالك بسرعة -بإذن اللًه- فالله هو الشافي )

لذلك الإنسان الذي أدرك أين تدور رحى المسألة يستطيع أن يسلط عليها الحكم الأصولي الذي يتبناه

أقول دراسة الفقه كعلم مقاصدي تأخذه لوحده ، هناك كثير من الناس يقولون بالفقه المذهبي وٱخرون قالوا بالفقه المذهبي لكن دون الخوض ، لكن لا نستطيع أن نقول بهذا لأن الفقه يتعلق بفعل المكلف ، يعني بمجرد معرفة الحكم يعمل به ، فإن أخذ بالمذهب فَفِيه راجح ومرجوح ، متى يرجع إلى الصحيح ؟ والناس ربما تقلده وهو مُؤسَس على حديث ضعيف !
لذا نقول يأخذ بما ترجح من المسائل مقرونا بدليله
يستعين مثلا بالموسوعة الفقهية ( العوايشة ) جمع فيها ٱراء الألباني -رحمه اللّه- وهي مبنية على الأحاديث الصحيحة ، وهذه في الانطلاق ، بداية المبتدأ وليس بداية المحتهد ،
من بعد ذلك يوسع دائرة معارفه بشرط يكون مَسَك بناصية أصول الفقه ، لأن المُناقشين يذكرون الأصول وهو لا يستطيع أن يفهم فيفشل أو يلزمه مُعين فلا يجد أو قد يجِد ولكن ليس كفء ليبين له ،
تجد تارة العلماء يخاطبون علماء ٱخرين فلا يُفصلون ، يذكرون القضايا دون ذكر الحديث ، والمبتدِأ لمَّا لا يَعرف القضية لا يستطيع الإكمال، لأن الحلقة مفقودة عن السلسلة فلا يستطيع المواصلة يجب أن تكون لديه خلفية أصولية "

صبيحة الخميس ١٠ صفر ١٤٤٦ه‍
١٥/٨/٢٠٢٤